هذا الموقع

                                          بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا

في وقت ، باتت الإشاعة والبهتان ، يصنعان الرأي العام ويوجهانه .. حقّ لنا و لكل شريف ، أن نقرأ وبصوت عال :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ .

وفي زمن التحاليل والتخمينات ، وسوء الظن والرجم بالغيب .. أصبح من الإصلاح المفيد .. أن نكتب على وجه لافتة كبيرة ، تُقرَأ من بعيد :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ .

وفي هذه السنوات الخداعات ، التي كثر فيه الهراء والشطط في الكلام ، والبذيء من القول .. صار لزاما علينا ، أن نتذكر قول الله ونُذكّر به :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ .

وفي آخر الزمان هذا ، الذي قلّت فيه الأمانة ، وكثرت فيه الخيانة .. وانكمش الصدق حائرا وانزوى ، وانتشر الكذب مختالا وانبرى .. وجب التوقف والتأمل ، والرجوع والإمتثال ، لما جاء في الذكر الحكيم ، والهدي النبوي الشريف :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ .
« إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا » .

نعم .. أيها الناس الشرفاء .. فمن الإيمان والتقوى ، أن نعدل في الحكم ، ونصدق في القول ، ونحسن في العمل .. ومن المروءة والشجاعة ، ألا نكتم الشهادة ولو على أنفسنا أو الأقربين ، ونقول للمحسن أحسنت ولو كان خصما يخالفنا ، وللمسيء أسأت ولو كان صديقا يؤازرنا .. ومن اللياقة والأدب ، احترام الآخرين ومعاملتهم بالحسنى .. ومن الاخلاق الحميدة بين البشر ، اختلاق الأعذار للناس .. ومن السلوك الإنساني القويم ، أن يظن المرء بغيره خيرا .. ومن الكياسة والفطانة ، أن لا ترمي الناس بالحجر وبيتك من زجاج .. ومن الحماقة بمكان ، أن نناقش سفاسف الأمور وصغائرها ، ونترك طوارئها وعظائمها .. كذلك علّمتنا الحياة وحدّثنا روحها المستتر ..

وللأسف الشديد ،  فقد اختلّت المقاييس عند الكثير واهتزّت ، ومالت الموازين وصدأ حديدها ، وكثرت النّكات السّود على القلوب ، وكبرت وتأسس رانها .. وأصبحوا في ظلمات لا يبصرون .
فمن للحق أن ينصره .. ومن للباطل أن يدمغه .. ومن قائلا للمُجيد أجدت ، وللمخطئ أخطأت ..
يا فاطر السموات والأرض ، نوّر قلوبنا بالإيمان ، واهدنا لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء  إلى صراطك  المستقيم .

أيها الناس : إنّ الأعراض في القوانين مصُونة .. وإن الدّعاوي لا بد لها من بيّنات .. وإنّ السّفاهة لا رادع لها اليوم ولا محارب .. وكم في المقابر من قتيل لسانه .. وكم حطّ الهجاء من ماجدٍ في عيون الضعفاء والمتلوّنين .. والعاقبة عند الله للمتقين ..
﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ﴾ .. والله المستعان و عليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم  .

فيا أيها الباحثون عن الحق .. السالكون دروبَ الصواب .. الساعون للتبين والتثبت .. المترقبون بزوغ فجر الحقيقة ، بخيطه المنير الأبيض .. وأفول ليل الدجل والزور ، بخيطه المظلم الأسود .
يشرفنا ويقوي عزمنا ، أن تتحلوا بالكرم والصبر الجميل ، وتتقبلوا منا هذا المجهود المتواضع ، الذي نحاول من خلاله ، ولوج معركة التصورات والأفكار ، بأسلحة العلم السماوية المباركة :
القلم ليكتب .. ﴿ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ .
والكلمة لتقرأ .. ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ .
لكي نضع بين أيديكم ، الآراء التي نعتقد أنها صائبة ، والشهادات البينة الصادقة ، والحقائق التي لا نسمح للشك ، أن يرقى إليها أو يقلل من قيمتها .

.. وحتى تتأكدوا من صحة مبادئنا ، وثبات مواقفنا ، واستمرار نضالنا ، رأينا أن ندعمكم وننشط ذاكرتكم ، بمقالات كتبناها ، وبيانات سبق ونشرناها ، في محطات مختلفة ، حضرناها وشهدناها على مر سنين المحنة الخالية ، وأعوام الانفراج التالية .. نعيد نشرها ، موازاةً مع ما نكتبه ، عن الراهن السياسي والتربوي والاجتماعي ، وتطورات الأحداث وتتابعها ، ليدعم كلاهما الآخر ، ويؤازره ويعززه ويقويه .

أيها القرّاء الأفاضل : سنكتب لكم بعون الله وتوفيقه ، بالمقاييس والأخلاق التي تشترطها الكتابة ، هذه الصناعة النبيلة ، التي ترتفع في بعض الأحيان ، إلى مستوى القداسة .. نقدم من خلالها بضاعتنا ، بالأسلوب الواضح السهل الجميل ، والأفكار الصريحة المرتبة ، والمنهج القويم المفيد ، والكلمات المعبّرة المؤثرة .. نؤازر دعاة الحق والإصلاح ونشد على أيديهم .. ونواجه الأدعياء المبطلين بالحق ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. نقارع الحجة بالحجة .. ونقابل الدليل بالدليل .. ونقتل الشك باليقين ..
﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ .

أيها القلم .. طاوعني في الخير ولا تتأبَّ علي ، واعصني في الشّر وامنع مدادك أن يسيل ، فأنت اليوم في يدي أقوى من البندقية ، هي ترمي الناس بالرصاص ، فتنغّص عيشهم أو تخطف منهم حياتهم .. وأنت تنثر على الصحف الكلمات ، لتنير السبيل أمامهم ، وتثبت على الحق أقدامهم ، وتجدد في المستقبل آمالهم ، وتقوي عزمهم على مواصلة الحياة .. يرحم الله شاعرنا الفذ أحمد شوقي :
الدَهرُ يَقظانُ وَالأَحداثُ لَم تَنَمِ فَما رُقادُكُمُ يا أَشرَفَ الأُمَمِ
لَعَلَّكُم مِن مِراسِ الحَربِ في نَصَبٍ وَهَذِهِ ضَجعَةُ الآسادِ في الأَجَمِ
هَبّوا بِكُم وَبِنا لِلمَجدِ في زَمَنٍ مَن لَم يَكُن فيهِ ذِئباً كانَ في الغَنَمِ
هَذا الزَمانُ تُناديكُم حَوادِثُهُ يا دَولَةَ السَيفِ كوني دَولَةَ القَلَمِ
فَالسَيفُ يَهدِمُ فَجراً ما بَنى سَحَراً وَكُلُّ بُنيانِ عِلمٍ غَيرُ مُنهَدِمِ
قَد ماتَ في السِلمِ مَن لا رَأيَ يَعصِمُهُ وَسَوَّتِ الحَربُ بَينَ البَهمِ وَالبُهَمِ
وَأَصبَحَ العِلمُ رُكنَ الآخِذينَ بِهِ مَن لا يُقِم رُكنَهُ العِرفانُ لَم يَقُمِ
اللهم لا سهل إلّا ما جعلته سهلا ، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا ، سهل أمورنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
                                                                                          مدني مزراق